2022/01/15 | 0 | 2921
مسائل فقهيّة في رسالة أحسائيّة .
مقدّمة :
كثيرا ما يرفع طلبة العلم بعض الاستفتاءات للمراجع و علماء المنطقة ، و هذه إجابة استفتاءات قدّمها المرحوم الشيخ محمد بن علي البقشي ( ت 1375هـ ) للمرحوم العلامة القاضي السيّد محمد السيّد حسين العلي ( ت 1388هـ ) وهذا نصّها :
الحمد لله ربّ العالمين و صلّى الله على محمّد و آله الطّاهرين ، أمّا بعد فسلامٌ عليك أيّها الأكرم المكرّم المعظّم الأخ الحاج شيخ محمدّ البقشي المحترم و على السّادات العظام و المشايخ الكرام و سائر الإخوان ذوي العزّ و الاحترام و رحمة الله و بركاته بعد السؤال عن أحوالكم و إعلامكم أنّا على ما تحبّون مع السّادات و المشايخ و سائر المتعلّقين ، لا نشكو إلا وحشة فراقكم و فراق الإخوان الكرام , رجاء الدعاء كما هو ممؤل و منا عند الأئمةّ الطاهرين للجميع مبذل فنسأل الله الإجابة لنا و لكم إنّه قريب مجيب نعرّفكم أنّأ تلونا مسائلكم المحرّرة بقلمكم الشريف ، و هذا جوابها . المسئلة[1][1] الأولى مسئلة الصّوغ الذي باعته صاحبته و جعلت تتاجرّ في ثمنه هل فيه خمس أم لا ؟
الجواب فالأحوط ثبوت الخمس في الثّمن إن كان بيعها تقتيرا مع بقاء الحاجة إليه و في نفس الصوغ إن كان بيعها لعدم الحاجة إليه و عليه يحتاج*[2][2] في الثاني إلى إجازة الحاكم في مقدار الخمس لاّنها باعت مال الغير , وإلا فالأحوط البطلان
و على تقدير الإجازة فيه و فرض صحّته فيتبع الرّبح نصيبه من الرّبح الثاني مع إجازة الحاكم ، فإن أجاز تبع ما وجب من الخمس نصيبه من الرّبح الآخر و هكذا إذا وقعت العقود على شخص ما فيه الخمس بأن يجعل في الصيغة مشخّص الدراهم التي فيها الخمس ثمنا .
و أنمّا العقد الذي يقع مشخّص ما فيه الخميس ثمنا كما إذا باع بكلي من غير يقين للثمن فهذا العقد لا يتبع الخمس مّن الرّبح شيء .
و كل لو كان بيعها تقتيرا غير أن البيع الأوّل لا يحتاج إلى إجازة الحاكم ، و يكون صحيحا على كل حال ، نعم ما بعد ذلك من العقود و هو كالسابق فالحاصل أنّ المسئلة لا تخلو من إشكال و الجزم فيه فعلا غير حاصل، فللازم الرّجوع إلى الغير بةاسطة كون المال مال ميّت و لعلّ له ورثة قاصرين و الله العالم .
الثانية الا ( ) في مسألة فاضل الثّلث ما دام النّظر إليكم فالأمر إليكم و أمّا أنا فأرجّح تزويج العزّاب و المضطرّ كما يبدو خفي .
الثالثة : مسئلة الكفّارة نعم الأحوط في الكفّارة الصغرى الحنطة و لكم الرّجوع إلى الغير .
الثالثة ما شروط الاستطاعة للحجّ الجواب أنّها عبارة عن التمكّن من الحجّ بيدنا بصحّته و طريقا بامن ( ) و مقدار و وقتها و بسعته و ما لا يسعه الر ) و فوت عياله إلى و من عنده إلى صنعته أو حرفة ( ) كما لا يحب . ( )[3][3]
أجناد كثيرة لكنّهم أعرضوا عنها بل لا يعرف عامل بها ، فلذا كلّ مشكل الفتوى بمضمونها نعم و بما قرب بعض وجوب الحجّ بذلك على أهل مكّة .
أمّا اعتبار الرّجوع إلى ما يحصل مؤمنته مما ذكرنا سابقا فقد ادّعى دلالة بعض الروايات عليه و على بعض الطرق و المش ينكرون ذلك و الإنصاف إن فيه إشعارا قويّا يقارب الظهور ، إن لم يكن ظهورا و لكن الاعتماد عليه لوكان ظهورا مع أعراض المش .. و إن لم يكن إعراضا يبلغ القدح في السند مشكل فالرجوع إلى الغير في هذه لازم .
الرابعة نذر صلوة جعفر ، الجواب يجب العمل في النّذر بما قصد القاصد فإن قصد شيئا معيّنا و كيفيّة خاصة من الأمور المشروعة يقين و إن أطلق فلا يجب غير الاتيان بالأذكار المعروفة التي هي التّسبيحات ، نعم الأحوط قراءة الزّلزلة في الأولى و العاديات في الثانية و النّصر في الثالثة و التّوحيد في الرابعة احتياطا لا يترك .
الخامسة :
مسئلة الخروج من منزل الإقامة إلى ما دون المسافة هذه المسألة من المسائل المشكلة التي لا يحصى الآراء فيها و لكن الظاهر الاتفاق على أنّ من خرج ناويا للعود و إقامة جديدة فحكمة الإتمام ، و على ذلك نقل الإجماع الذي أقلّه عدم الخلاف في هذه المسئلة العامّة البلوى من النصّ مستفيض فلا ينبغي التّوقّف في ذلك ،و أنا و إن لم نقل بحجّيّة الإجماع المنقول في حال الغيبة إلا أنّ مثل هذه الإجماعات مع ملاحظة جهات المسألة لا أقلّ من إفاداتها وجود دليل معتبر يدلّ على ذلك على وجه يحصل القطع و ضعفه فاللّازم الرجوع إلى الغير .
السادسة هل يجب الاحتياط بالإعادة في الشّكوك التّي لها علاج الجواب الظاهرلها ، نعم هو أولى .
و لما أذكر رسالة شيخ علي السّابقة يجوز العدول في التقليد الجواب إن كان العدول إلى الأعلم ، و لم يكن قول الأوّل على وفق الاحتياط فلا باس بل يجب و إن كان عن الأعلم فلا ، و إن كان الأولى موافقا للاحتياط و لم يكن أعلم فمشكل و الله العالم
المرسل :
: المرحوم سماحة الشيخ محمد بن علي بن عبدالله بن حسن بن أحمد السليمان البقشي رحمه الله ولد حدود 1292هـ
* والدته هي المرحومة مريم بنت محمد بو حليجة البقشي .
• نشأ نشأة صالحة بين أبوين كريمين فوالده المرحوم الحاج علي بن عبدالله من الأباء الصلحاء و أهل النسك و العبادة و كان ملاكا للنخيل مشتغلا بالصياغة .
• كان المرحوم الشيخ محمد و أخوه الأكبر الحاج عبدالله العلي البقشي رحمهما الله يشتغلان بالصّياغة , و كان الشيخ رحمه الله كما شأن أهل الورع و التقى من الآباء الصاغة الأوائل يحرص على فتات الذهب أثناء الاشتغال , مما يوقعه أحيانا كثيرة في الحرج العملي لتعذّر الدقّة في البحث عن تلك الشظايا المتطايرة من الذهب و العائد لمشتري القطعة , حيث السائد قديما أن الراغب في اقتناء قطعة ذهبيّة هو الذي يحضر الذهب كعملات ذهبية أو سبائك و الصائغ هو الذي يصوغ منها تلك القطع التي يرغب فيها المشتري . و بعد سنين من العمل في صياغة الذهب تاقت نفس الشيخ محمد لطلب العلوم الدينية , فبدأ الشوط متأخرا نسبيا , فبدأ مع الشّيخ إبراهيم الخرس - ت 1353هـ , ثم الشّيخ موسى أبو خمسين ثم الميرزا علي الحائري و في أثناء اشتغاله كان حريصا على كسب رزقه من كدّ يمينه ، فاشتغل باستنساخ المصاحف و الكتب الفقهية و كتب المقاتل , لامتيازه بخطّ جميل و واضح و كان يستخدم الكتابة بالقصبة و قد رأيت عددا من نسخ المصاحف حبكها كأجزاء وقد مصحفا تاما بأجزائه الثلاثين بطلب أستاذه المرحوم الشيخ موسى بوخمسين , و وجدت نسخة أخرى في مكتبة الشيخ صالح السلطان رحمه الله , و نسخة أخرى لدى أسرة آل بن خليفة الصاغة , كما انتسخ عددا من الكتب الدينية أشار لها الاستاذان الشيخ محمد الحرز و الأستاذ أحمد البدر في بعض مقالاتهما , إضافة لكتابة الوثائق و الوصايا الكثيرة و هي مبثوثة في أيدي الكثير من حافظي التراث خاصة التراث الأسري و المتعلّق بالتملّكات و التركات .
• و لكونه متصديا للأمور الحسبية حسب وكالته عن بعض أعلام الأحساء كالمرحوم السيد حسين العلي ( ت 1369هـ ) و السيد ناصر السلمان ( 1358 هـ)و الشيخ موسى بو خمسين (ت 1353هـ) و أخيرا المرجع الشيخ محمد رضا آل ياسين ( ت 1370هـ) فقد اطلعت على كونه كان يتولى الولاية على أموال و مصالح الكثير من الأيتام و القصّر و فاقدي الأهليّة من أقاربه و من أهالي بعض الفرجان في الهفوف كالرفعة و النعاثل و الرقيات و غيرهم و أيتام في الجفر و التويثير و المطيرفي و المبرّز , كما يتولّى تنفيذ وصايا الموتى و يشرف على إخراجها من صدقات و أعمال برّ و كان شديد الدقّة في هذه الأمور .
• كان يقيم الجماعة بشكل منتظم في بيته و في حسينية المرحومة الحاجة زينب بنت علي البقشي , تولّى إمامة الجماعة في الجامع الكبير ( مسجد بو خمسين ) بعد انتقال المرجع المرحوم الميرزا علي الحائري للكويت , كما أقام الجماعة بشكل متقطّع في مسجد الرفعة الشمالية و يصفه معاصره المرحوم الحاج علي المرزوق – بو سعيد رحمه الله - :
كان يمتاز بصوت رخيم خاشع يتصرّف فيه كيف يشاء كأنّ سلك أبريسم و يفضّل تلاوة سورة الأعلى في صلاته , كنت أأنس بسماع صوته في تلاوة دعاء الافتتاح في رمضان )
• عندما بدأت جمع مادة تتعلّق به رحمه الله كنت أتفاجأ بمقدار وفير من التّوقير ممن عاصروه و شاهدوه , لكن أكثر ما استوقفني هو شهادة من كانوا أكثر دقّة من غيرهم في مدح أحد كالمرحوم الشيخ صالح السلطان رحمه الله فقال لي : ( كان رحمه الله دينيا في كلّ شؤون حياته , يعرض كلّ تصرّفاته على الشرع فإن وافقت قام بها وإلا توقّف ) .
في خطاب جمعة للمرحوم الشيخ محمد بن محمّد المهنّا في مسجد الصاغة في فريج الشعبة استوقفتني عبارة قالها ( كيف لا نشعر أن البركة تنزع من بيننا و من ثمار نخيلنا و لم يعد بيننا الآن أمثال الشيخ محمد البقشي و السّيد عبدالله الأحمد الحاجي و أمثال أولئك السلف الصالح من الآباء ؟ )
• كذلك قال لي المرحوم شيخ المؤرخين الشيخ جواد الرمضان : ( لم يكن للشيخ محمد رحمه الله نظير في الاحتياط في الدين و النزوع عن الدنيا )
و من هذه الأقوال يتضح أننا أمام واحد من الآباء ينتمون لشريحة من الصلحاء و أهل السلوك و العرفان لم يتسنى رصد سيرتهم كما رصدت لغيرهم كي تكون مثالا يحتذيه السالكون .
• تمت الإشارة له في عدة كتب سواء بالترجمة له أو الإشارة له منها ( مطلع البدرين في تراجم علماء و أدباء الأحساء و القطيف و البحرين ) للشيخ جواد الرمضان , ( آية الله الشيخ موسى آل أبي خمسين رمز القيادة و المرجعيّة ) للشيخ موسى الهادي بوخمسين . كما أشار له الأستاذان محمد بن علي الحرز و أحمد البدر في أبحاثهما عن النُّساخ و المخطوطات الأحسائيّة , و ( مدينة الهفوف , مدخل حضاري ) د محمد جواد الخرس و الذي عدّه من طلبة مدرسة الشيخ موسى آل أبي خمسين و مدرسة الميرزا علي الحائري و مدرسة الشيخ إبراهيم الخرس .
• توفي رحمه الله في 15 من رجب 1375 هجرية و دفن في مقبرة البغلي بطرف الخدود .
المرسل إليه :
هو العلامة آية الله السيّد محمد بن السيّد حسين بن السيد محمد العلي السّلمان من مواليد المبرّز عام 1320هـ ، و نشا في كنف والده العالم الجليل قاضي الأحساء في حينه فشمله برعايته و دفعه للانتظام في الدروس الحوزويّة فأخذ شطرا منها على أعلام أسرته كخاله المرجع الكبير السيّد ناصر السلمان الأحسائي ، ثم هاجر إلى النجّف الأشرف و انتظم في دروس كبار علمائها كالميرزا محمد حسين النائيني ( ت 1355هـ ) و السيّد أبو الحسن الأصفهاني ( ت 1365هـ ) و الشيخ محمد رضا آل ياسين ( ت 1370 هـ ) الذي أجازه بالاجتهاد ، كما انتظم في دروسه العديد من طلبة العلوم الدينيّة من أبناء المجتمع كالقاضي الراحل الشيخ باقر بو خمسين ، و الشيخ محمد الجبران و الشيخ علي الدندن و الشيخ عباس الدندن و السيد عبدالله الأحمد الحاجي و غيرهم .
كما خلّف رحمه الله بعض الكتب المخطوطة مثل حاشية على مكاسب الشيخ الأنصاري و أبحاث فقهيّة متفرّقة . .
و عندما عاد للأحساء لازم والده القاضي و عند وفاة والده عام 1369هـ خلفه في منصب القضاء حتى وفاته عام 1388هـ
و قد كان رحمه الله أبرز المرشحين للمرجعيّة بعد رحيل مرجع الأحساء الكبير السيّد ناصر رحمه الله - كما أشارت رسالة سابقة تناولناها - لكنّه لم يرغب في تقلّد هذا المنصب و أشار لأهالي الأحساء بالرّجوع لأستاذه الشيخ محمد رضا آل يس ثم السيد محسن الحكيم رحمهما الله تعالى . .
و يذكر له أهالي الأحساء سيرة عطرة في التقوى و الورع و رعاية المحتاجين و قضاء حوائج الناس ، و كان رحمه الله يمثّل حالة أبويّة’ لجميع أطياف المجتمع بل تتعداها بمحيطه الإقليمي و فقد وجدت في بعض الأوراق التي وجّهت له الكثير من طلبات المساعدة التي كانت ترد عليه من أبناء المجتمع من مختلف مشاربهم و مذاهبهم دون تمييز بل وجدت بعض تلك الطلبات من بعض دول الجوار مما يعكس تلك الحالة الأبويّة التي كان يشعر بها أبناء المجتمع تجاهه .
عن الرّسالة :
للأسف لم تأت هذه الرّسالة مؤرخة لكنّ في طيّاتها نستشفّ أنها كانت في فترة إقامة السيّد محمد العلي في العراق و قبل قدومه للأحساء و يفهم ذلك من سياق مقّدمتها لذا أتوقّع أن تكون في الخمسينيات الهجريّة إبان إقامة السيّد العلي في النجف الأشرف .
هذه الرسالة تضمنت مجموعة من المسائل الفقهية أرسلها الشيخ البقشي للمرحوم السيّد العلي و هو في العراق و للأسف ورد فيها العديد من النقص في حوافّها و السيّد العلي كان ملاذا لأهالي الأحساء في المسائل الشرعيّة إبان إقامته في العراق و بعد رجوعه ، و قد امتنع عن تولّي المرجعيّة التي كان من أهمّ مرشحيها بعد رحيل المرجع الكبير السيّد ناصر السلمان رحمه الله .
و السيّد عادة يكتب الوثايق الشرعيّة التي كانت تصدر عنه بخطّ نسخ واضح حسن ، و يندر كتابته بخطّ الرقعة أو غيره كما في أصل أجوبة هذه المسائل التي كتبت بخطّ أقرب للرّقعة .
[4][1] هكذا وردت في النصّ
[5][2] إن كان الصوغ من فوايد و أرباح و قد مضى حولها و معلقا على مضيّ الحول إن لم يمض
[6][3] ما بين الأقواس عبارات إما غير واضحة أو جزء ممّزق من الرّسالة
جديد الموقع
- 2024-08-02 دار الرحمة توقع مذكرة تعاون مع أمانة الأحساء ومؤسسة إكرام الموتى بالرياض
- 2024-08-02 بذكرك لهجاً على خطى السجاد (ع)
- 2024-08-02 الإكتئاب أثناء الحمل مرتبط بارتفاع هرمون الكورتيزول في شعر الأطفال الدارجين مما قد يسبب مشكلات صحية للطفل
- 2024-08-02 تشخيص أنواع مختلفة من الخرف باستخدام الذكاء الاصطناعي أصبح ممكنًا الآن
- 2024-08-02 استراتيجية جديدة للتعامل مع التوتر العاطفي
- 2024-08-02 التاريخ يشكل مادة خصبة للأدب
- 2024-08-02 سوء إخراج الكتب يؤثر سلبا في تسويقها
- 2024-08-02 25 لوحة ترصد تاريخ الأحساء قبل 100 عام
- 2024-08-02 اشرب من الچـوچـب
- 2024-08-01 نبتة الغاف الأحمر والسعودية الخضراء.